الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحت سكانها.
قوله تعالى (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ).
(يُحَلَّوْنَ فِيهَا) أي الجنات.
(مِنْ أَسَاوِرَ) قال بعضهم: إن (مِنْ) هنا زائدة لقول الله تعالى: (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) (الانسان: الآية٢١)، فـ (من) زائدة. ولكن هذا القول ضعيف، لأن (من) لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:
(وزيد في نفي وشبهِهِ فَجَرّ نكرة كما لباغٍ من مفر) وعلى هذا فإما أن تكون للتبعيض: أي يحلون فيها بعض أساور، أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذٍ لا يكون إشكال، وإما أن تكون "للبيان" أي بيان ما يحلون، وهو أساور وليس قلائد أو خُروصا مثلاً، وأما قوله: (مِنْ ذَهَبٍ) فهي بيانية، أي لبيان الأساور أنها من ذهب، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا، فإنه يختلف اختلافاً عظيماً، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (١)، ولو كان كذهب الدنيا لكان العين رأته.
قوله تعالى: (وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)،
_________
(١) متفق عليه. البخاري: كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، (٣٠٧٢). مسلم: كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب:... (٢٨٢٤)، (٢، ٣).