قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً...﴾ الآية. [١٣٥].
قال ابن عباس في رواية عطاء: نزلت الآية في نبهان التَّمَّار، أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمراً، فضمها إلى نفسه وقبّلها ثم ندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر ذلك له، فنزلت هذه الآية.
وقال في رواية الكلبي: إن رجلين - أنصاريَّاً وثقفياً - آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، فكانا لا يفترقان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مَغَازيه، وخرج معه الثَّقَفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته، وكان يتعاهد أهلَ الثقفي، فأَقبل ذات يوم فأبصر امرأة صاحبه قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها، فوقعت في نفسه، فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها. فذهب ليلثمها فوضعت كفها على وجهها فقبَّل ظاهر كفها، ثم ندم واستحيا، فأدبر راجعاً، فقالت: سبحان الله! خنت أمانتك، وعصيت ربك، ولم تصب حاجتك. قال: فندم على صنيعه، فخرج يَسِيحُ في الجبال ويتوب إلى الله تعالى من ذنبه، حتى وَافَى الثقفي فأخبرته أهله بفعله، فخرج يطلبه حتى دُلَّ عليه، فوَافَقَهُ ساجداً وهو يقول: رب ذنبي [ذنبي!] قد خنتُ أخي، فقال له: يا فلان، قم فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله عن ذنبك، لعل الله أن يجعل لك فرجاً وتوبة. فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة، وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل عليه السلام بتوبته، فتلا عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً﴾ إلى قوله: ﴿وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ﴾ فقال عمر: يا رسول الله، أخاص هذا لهذا الرجل، أم للناس عامة؟ قال: بل للناس عامة [في التوبة].
أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز المَرْوزِي إجازة، أخبرنا محمد بن الحسين الحَدَّادِي، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا رَوْح، حدَّثنا محمد عن أبيه، عن عطاء:
أن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أَبَنُوا إِسرائيلَ أَكْرَمُ على الله منا؟ كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه: اجدع أذنك، اجدع أنفك، افعل كذا. فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً﴾ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بخير من ذلك؟ فقرأ هذه الآيات.


الصفحة التالية
Icon