قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً﴾ [١٦٩].
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الخلالي، أخبرنا عبد الله بن زيدان [بن يزيد] البجلي، حدَّثنا أبو كريب، حدَّثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أبي أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إِلى قناديل من ذهب معلّقة في ظل العرش؛ فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وَمقيلهم، قالوا: من يبلَّغ إخواننا [عنا] أنّا في الجنة نرزق؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ولا يَنْكُلوا في الحرب؟ فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾.
رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الغازي، أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي، حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا [عبد الله] بن إِدريس؛ فذكره. رواه الحاكم عن علي بن عيسى الحيري، عن مسدد، عن عثمان بن أبي شيبة.
أخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا أحمد بن الحسين الحذَّاء، أخبرنا علي بن المديني، حدَّثنا موسى بن إبراهيم بن بشير بن الفَاكه النصاري: أنه سمع طلحة ابن خِرَاش قال:
سمعت جابر بن عبد الله قال: نظر إِليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما لي أراك مهتماً؟ قلت: يا رسول الله، قتل أبي وترك دَيناً وعيالاً، فقال: ألا أخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كِفَاحاً فقال: يا عبدي سلني أعطك، قال: اسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتلَ فيك ثانية، فقال: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب، فأبلغ مَنْ ورائي. فأنزل الله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ الآية.
أخبرني أبو عمرو القنطري فيما كتب إليّ، أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن يحيى، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدَّثنا وكيع عن سفيان، عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ قال:
لما أصيب حَمْزَة بن عبد المطلب، ومُصْعَبُ بن عمير يوم أُحد، ورأوا ما رزقوا من الخير، قالوا: ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة، فقالوا الله تعالى: انا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ إلى قوله: ﴿لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾.
وقال أبو الضُّحَى: نزلت هذه الآية في أهل أحد خاصة.
وقال جماعة من أهل التفسير: نزلت الآية في شهداء بئر مَعُونَة. وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي.
وقال آخرون: إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة أو سرور تحسروا وقالوا: نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور. فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيساً عنهم، وإخباراً عن حال قتلاهم.