قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّاغُوتِ﴾. [٥١].
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: أخبرنا والدي، قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: حدَّثنا عبد الجبار بن العلاء، قال: حدَّثنا سفيان عن عمرو، عن عكرمة، قال:
جاء حُيَيّ بن أخْطَب، وكَعْبُ بن الأشْرَف إلى أهل مكة، فقالوا لهم: أَنتم أهل الكتاب، وأهل العلم القديم، فأخبرونا عنا وعن محمد. قالوا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا: نحن ننحر الكَوْمَاءَ، ونَسْقِي اللبن على الماء، ونَفك العُناة، ونصل الرحام، ونَسْقِي الحَجِيج، وديننا القديم، ودين محمد الحديث. قالوا: بل أنتم خير منه وأهدى سبيلاً، فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً﴾.
وقال المفسرون: خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد، ليحالفوا قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنزل كعب على أبي سفيان، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب، ومحمد صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين، وآمن بهما. فذلك قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّاغُوتِ﴾ ثم قال كعب لأهل مكة: ليجيءْ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون، فنلزق أكبادنا بالكعبة ونعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد. ففعلوا ذلك، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم، ونحن أميون لا نعلم، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق، أنحن أم محمد؟ فقال كعب: اعرضوا عليَّ دينكم، فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجيج الكَوْمَاء، ونسقيهم الماء، ونَقْرِي الضيف، ونفك العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم؛ ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم؛ وديننا القديم، ودين محمد الحديث. فقال كعب: أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه، فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ﴾ يعني كعباً وأصحابه. الآية.


الصفحة التالية
Icon