قوله تعالى: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ...﴾ الآية. [٨٨].
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: حدَّثنا أبو عمرو إسماعيل بن نَجِيد، قال: حدَّثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدَّثنا عمرو بن مَرْزُوق، قال: حدَّثنا شُعْبَة، عن عَدِيّ بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت:
أن قوماً خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أُحد، فرجعوا. فاختلف فيهم المسلمون: فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم. فنزلت هذه الآية.
رواه البخاري عَنْ بُنْدار، عن غُنْدَر.
ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ، عن أبيه؛ كلاهما عن شُعْبة.
أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدَان العدل، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك، قال: حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا الأسود بن عامر، قال: حدَّثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد عن عبد الله بن قُسَيْط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه:
أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا، وأصابوا وباء المدينة وحُمّاها فأُرْكِسوا، فخرجوا من المدينة، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما لكم رجعتم؟ فقالوا: أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاها فقالوا: ما لكم في رسول الله أسوة [حسنة؟] فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا هم مسلمون، فأنزل الله تعالى: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ﴾ الآية.
وقال مجاهد في هذه الآية: هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي عليه السلام [أن يخرُجُوا] إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون: فقائل يقول: هم منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون. فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية، وأمر بقتلهم في قوله: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ فجاءوا ببضائعهم يريدون هِلالَ بن عُوَيمر الأَسْلَمي وبَيْنَه وبين النبي صلى الله عليه وسلم حلف، وهو الذي حَصِرَ صَدْرُه أن يقاتل المؤمنين، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى: ﴿إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ﴾ الآية.