قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً...﴾ الآية. [٩٣].
قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: إن مَقِيس بن صُبَابَة وجد أخاه هشام بن صُبَابة قتيلاً في بني النّجار، وكان مسلماً، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فأرسل رسول الله عليه السلام معه رسولاً من بني فِهْر فقال له: ائت بني النجار، فأقرئهم السلام وقل لهم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صُبَابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصّ منه، وإن لم تعلموا له قاتلاً أن تدفعوا إليه ديته". فأبلغهم الفِهْرِي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمعاً وطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتِلاً، ولكن نؤدي إليه ديته. فأعطوه مائة من الإبل. ثم انصرفا راجعين نحو المدينة، وبينهما وبين المدينة قريب، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فقال: أيّ شيء صنعت؟ تقبل ديه أخيك فيكونَ عليك سبة؟ اقتل الذي معك فيكونَ نفس مكان نفس وفَضْلُ الدية! ففعل مَقِيس ذلك، فرمى الفِهْرِيّ بصخرة فشدخ رأسه، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً، وجعل يقول في شعره:
قَتَلْتُ بِهِ فِهْراً وَحَمَّلْتُ عَقْلـــَهُ * سَرَاةَ بَنِي النَّجارِ أَرْبَابِ فَارِعِ
وأدْرَكْتُ ثأْرِي واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً * وكُنْتُ إلى الأوْثَانِ أَوّلَ رَاجِعِ
فنزلت هذه الآية: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً﴾ الآية. ثم أهدر النبي عليه السلام دمه يوم فتح مكة، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.