قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾. [٩٤].
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار، قال: حدَّثنا محمد بن عَبَّاد، قال: حدَّثنا سفيان، عن عَمْرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال:
لحق المسلمون رجلاً في غُنَيْمَةٍ له، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ. فنزلت هذه الآية: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا﴾ [أي] تلك الغنيمة. رواه البخاري عن علي بن عبد الله، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة؛ كلاهما عن سفيان.
وأخبرنا إسماعيل، قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد، قال: حدَّثنا محمد بن الحسن بن الخليل، قال: حدَّثنا أبو كريب، قال: حدَّثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن سِمَاك، عن عِكْرَمَة، عن ابن عباس، قال:
مرّ رجل من سُلَيم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه غنم [له] فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم عليكم إِلا لِيَتَعَوَّذَ منكم، فقاموا إِليه فقتلوه، وأخذوا غنمه، وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾.
أخبرنا أبو بكر الأصفهاني، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: أخبرنا أبو يحيى الرازي، قال: حدَّثنا سهل بن عثمان، قال: حدَّثنا وكيع عن سفيان، عن حَبيب بن أبي عَمْرَة، عن سَعيد بن جُبَيْر، قال:
خرج المِقْدَادُ بن الأَسْوَد في سَرِيَّة، فمروا برجل في غُنَيْمَةٍ له فأرادوا قتله، فقال: لا إله إلاَّ الله، فقتله المقداد، فقيل له، أقتلته وقد قال: لا إِله إِلا الله؟ ودَّ لو فرَّ بأهله وماله. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكروا ذلك له، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾.
وقال الحسن: إن أصحاب النبي عليه السلام خرجوا يطوفون فلقوا المشركين فهزموهم، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه، فلما غشيه بالسِّنان قال: إني مسلم، إني مسلم. فكذبه ثم أوْجَرَهُ بالسنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلاً، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قتلته بعدما زعم أنه مسلم؟ فقال: يا رسول الله، إنما قالها مُتَعَوِّذاً. قال: فهلا شققت عن قلبه! [قال: لم يا رسول الله؟ قال]: لتنظر أصادق هو أم كاذب؟ قال: وكنت أعلم ذلك يا رسول الله؟ قال: ويك إنك [إِن] لم تكن تعلم ذلك، إنما كان يبين [عنه] لسانه. قال: فما لبث القاتل أن مات فدفن، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره. قال: ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً. فلما رأوا أن الأرض لا تقبله أَلْقُوه في بعض تلك الشعاب. قال: وأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال الحسن: إن الأرض تُجِنُّ من هو شر منه، ولكن وُعِظَ القومُ أَن لا يعودوا.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المُزَكّي، قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بَطَّة، قال: أخبرنا أبو القاسم البَغَوِيّ، قال: حدَّثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن القَعْقَاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد، عن أبيه، قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيَّة إلى إضَم، قبل مخرجه إلى مكة، قال: فمر بنا عامر الأَضْبط الأشجَعِي، فحيانا تحية الإسلام فنزعنا عنه، وحمل عليه محلِّم بن جَثَّامة، لشركان بينه وبينه في الجاهلية، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومُتَيِّعاً كان له. قال: فأنهينا شأننا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بخبره، فأنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾. إلى آخر الآية.
وقال السدي: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسامَةَ بن زيد على سرية، فلقي مِرْدَاس بن نهيك الضَّمْرِي فقتله، وكان من أهل "فَدَكَ" ولم يسلم من قومه غيره، وكان يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويسلِّم عليهم. قال أسامة: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرته فقال: قتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله؟ فقلت: يا رسول الله، إنما تَعَوَّذَ من القتل. فقال: كيف أنت إذا خاصَمَكَ يوم القيامة بلا إله إلا الله، قال: فما زال يرددها عليّ: اقتلت رجلاً يقول: لا إله إلا الله؟ حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾. الآية. ونحو هذا قال الكلبي وقتادة.
[و] يدل على صحته الحديث الذي.
أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه، قال: حدَّثنا إبراهيم بن سفيان، قال: حدَّثنا مسلم قال: حدَّثني يعقوب الدَّوْرَقي، قال: حدَّثنا هشيم، قال: أخبرنا [ابن] حصين، قال: حدَّثنا أبو ظبيان، قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث، قال:
بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جُهَيْنَةَ، فصبحنا القوم فهزمناهم. قال: فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. قال: فكفّ عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته، فلما قدمنا بلغ النبي عليه السلام فقال: يا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً. قال: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قال: فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.


الصفحة التالية
Icon