قوله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. [١٠٠].
قال ابن عباس في رواية عطاء: كان عبد الرحمن بن عوف يخبر أهل مكة بما ينزل فيهم من القرآن، فكتب الآية التي نزلت: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ﴾ فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضَمْرَة اللَّيثي لبنيه، وكان شيخاً كبيراً: احملوني فإني لست من المستضعفين، وإني لا أهتدي إلى الطريق. فحمله بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة؛ فلما بلغ "التَّنْعِيمَ" أشْرَفَ على الموت فصفّق يمينه على شماله وقال: اللهم هذه لك، وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعتك يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات حميداً. فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لو وَافَى المدينةَ لكان أتم أجراً. فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.
أخبرنا أبو حسان المُزَنيُّ، قال: أخبرنا هارون بن محمد بن هارون، قال: أخبرنا إسحاق بن محمد الخُزَاعي، قال: حدَّثنا أبو اليد الأَزْرَقِي، قال: حدَّثنا جدّي، قال: حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن عَمْرِو بن دينار، عن عِكْرَمَة، قال:
كان بمكة ناس قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة، فلما كان يوم بدر وخُرِجَ بهم كَرْهاً قتلوا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ إلى آخر الآية. قال فكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من بمكة ممن أسلم، فقال رجل من بني بكر وكان مريضاً: أخرجوني إلى "الرَّوْحَاء". فخرجوا به فخرج يريد المدينة، فلما بلغ "الحَصْحَاص" مات، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.


الصفحة التالية
Icon