قوله تعالى: ﴿واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾. [١٢٥].
اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً:
فأخبرنا أبو سعيد النَّضْرَوِيّ قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين السّرّاج، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحضْرَمِيّ، قال: حدَّثنا موسى بن إبراهيم المَرْوَزِيّ، قال: حدَّثنا لَهيعَة عن أبي قَبِيل، عن عبد الله، عن عمر، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبريلُ لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال: لإطعامه الطعامَ، يا محمدُ.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبْزَى:
دخل إبراهيم منزله فجأة، فرأى ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، قال له إبراهيم: بإذن من دخلت؟ فقال: بإذن رب المنزل. فعرفه إبراهيم عليه السلام، فقال له ملك الموت: إن ربك اتخذ من عباده خليلاً، قال إبراهيم: ومَن ذلك؟ قال: وما تصنع به؟ قال: أكون خادماً له حتى أموت، قال: فإنه أنت.
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم عليه السلام يطلبون الطعام، وكانت الميرة لهم كل سنة من صديق له بمصر، فبعث غلمانه بالإبل إلى خليله بمصر يسأله الميرة، فقال خليله: لو كان إبراهيم إنما يريده لنفسه احتملنا ذلك له، وقد دخل علينا ما دَخَلَ على الناس من الشدة. فرجع رُسُلُ إبراهيم فمروا ببطْحَاءَ فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنّا قد جئنا بميرة، إنا لنستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة. فملأوا تلك الغَرائرَ رملاً. ثم إنهم أتوا إبراهيم عليه السلام وسَارَة نائمة، فأعلموه ذلك، فاهتم إبراهيم عليه السلام مكان الناس، فغلبته عيناه فنام، واستيقظت سارة فقامت إلى تلك الغَرائرَ ففتقتها فإذا هو [دقيق] أجود حُوَّارَى يكون، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس واستيقظ إبراهيم عليه السلام فوجد ريح الطعام، فقال: يا سَارَةُ، من أين هذا الطعام؟ قالت: من عند خليلك المصري، فقال: بل من عند الله خليلي، لا من عند خليلي المصري. فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزَكّي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الجُوزي قال: حدَّثنا إبراهيم بن شريك، قال: أخبرنا أحمد بن يونس قال: حدَّثنا أبو بكر بن عَيَّاش، عن أبي المُهلَّب الكِنَانِي عن عُبَيْد الله بن زَمْر؛ عن علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أُمَامَة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وإِنه لم يكن نبيّ إلا له خليل، ألا وإن خليلي أبو بكر".
وأخبرني الشريف أبو إسماعيل بن الحسن النقيب، قال: أخبرنا جدي، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن حماد، قال: أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل التّرْمِذي، قال: أخبرنا سعيد بن أبي مَرْيم، قال: حدَّثنا مسلمة، قال: حدثني زيد بن وَاقِد، عن القاسم بن مُخَيْمَرَة عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وموسى نجيّاً، واتخذني حبيباً. ثم قال: وعزتي [وجلالي] لأوثِرَنّ حبيبي على خليلي ونَجِيِّي".


الصفحة التالية
Icon