قوله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ....﴾ الآية [١٩].
أخبرنا أبو إِسحاق الثعالبي رحمه الله، قال: أخبرنا عبد الله بن حامد الوَزَّان، قال: أخبرنا أحمد بن حمد [بن جعفر] بن عبد الله المُنادِي، قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: حدَّثنا أبو توبة الرَّبيع بن نافع الحلبي، قال: حدَّثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، قال: حدَّثنا النعمان بن بشير، قال:
كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أسقي الحَاجَّ، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أَعْمُرَ المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل اللهِ أفضل مما قلتم. فزجرهم عمر وقال: ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يم الجمعة - ولكّني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه. ففعل، فأنزل الله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ﴾.
رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة.
وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نَعْمُرُ المسجدَ الحرام، ونسقي الحاج، ونفك العاني. فأنزل الله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ﴾ الآية.
وقال الحسن والشّعبي والقُرَظِي: نزلت الآية في علي، والعباس، وطلحة ابن شَيْبَة: وذلك أنهم افتخروا فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه [ولو أشاء بتُّ فيه] وإِليَّ ثيابُ بَيْته. وقال العباس: أنا صاحب السِّقَاية والقائم عليها. وقال علي: ما أدري ما تقولان، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن سيرين ومُرّة الهمداني: قال علي للعباس: ألا تهاجر؟ ألا تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألست في [شيء] أفضل من الهجرة؟ الست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية [ونزل قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ﴾ الآية].