قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي﴾ الآية. [٤٩].
نزلت في جَدّ بن قَيْس المنافق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَا تجهز لغزوة تبوك قال له: يا أبا وَهْب، هل لك في جِلاَدِ بني الأصْفَر تتخذ منهم سراري ووُصَفَاء؟ فقال: يا رسول الله لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات [بني] الأصفر أن لا أصبر عنهن، فلا تفتني بهن، وائذن لي في القعود عنك فأعينك بمالي؛ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: قد أذنت لك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة -وكان الجد منهم -: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: الجَدُّ بن قيس، غير أنه بخيل جبان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأي داء أدْوَى من البخل، بل سيدكم الفتى الأبيض، الجَعْدُ: بِشْرُ بن البَرَاءِ بن معرور". فقال فيه حسان بن ثابت:
وقال رسول الله والحق لا حـق * بمن قال منا: مَن تعدون سيدا
فقلنا له: جدُّ بن قيس على الذي * نبخله فيـنــا وإن كـان أنـكـدا
فقال: وأيّ الداء أدْوَى مِنَ الذي * رميتم به جَدَّاً وعَالَى بها يـدَا
وسوَّد بشر بـن البـرَاءِ بجــودِه * وحُقَّ لبشر ذي الندا أن يُسَوَّدَا
إذا ما أتـاه الوفـد أنهــب مالــه * وقال: خـذوه إنــه عائــد غــدا
وما بعد هذه الآية كلها للمنافقين إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ﴾ الآية [٦٠].