قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [٧٥-٧٦].
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري، قال: حدَّثنا جعفر بن محمد بن شاكر، قال: حدَّثنا عفان، قال: حدَّثنا وهيب، قال: حدَّثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم، عن إبراهيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
نزلت هذه الآية: ﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ﴾ في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً، ومولاه أبو الجَوْزاء، الذي كان ينهاه. ونزلت: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ﴾. فالأبكم منهما الكَلُّ على مَوْلاَهُ، هو: أسيد بن أبي العيص. والذي ﴿يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ هو: عثمان بن عفان.
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ...﴾ الآية. [٩٠].
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد البَيْهَقي، قال: أخبرنا مكي بن عبدان، قال: أخبرنا أبو الأزْهَر، قال: حدثنا روْح بن عُبادة عن عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثنا شَهْر بن حَوْشَب، قال: حدثنا عبد الله بن عباس، قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بِفناء بيته بمكة جالساً، إذ مر به عثمان بن مَظْعُون، فكَشَرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ألا تجلس؟ فقال: بلى. فجلس إليه مستقبِلَه، فبينما هو يحدثه إذْ شَخَصَ بصره إلى السماء، فنظر ساعة وأخذ يَضَعُ بَصَرَه حتى وضع على يمينه في الأرض، ثم تَحَرَّف عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، فأخذ يُنْغِضُ رأسَه كأنه يسْتَفْقِه ما يقال له، ثم شَخص بصرُه إلى السماء كما شخص أول مرة، فأتْبَعَهُ بصرَه حتى توارى في السماء، وأقبل على عثمان كجلسته الأولى، فقال: يا محمد، فيما كنت أجالسك وآتيك، ما رأيتك تفعل فَعْلَتَك الغداة. قال: وما رأيتني فعلت؟ قال: رأيتك شخص بصرك إلى السماء، ثم وضعته حين وضعته على يمينك، فَتحَرَّفْتَ إليه وتركتني، فأخذت تُنْغِضُ رأسَك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك. قال: أوَفَطِنْتَ إلى ذلك؟ قال عثمان: نعم. قال: أتاني رسول الله جبريلُ آنفاً وأنت جالس. [قال: رسول الله؟ قال: نعم] قال: فماذا قال لك؟ قال: قال لي: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [قال عثمان]: فذلك حين استقر الإِيمان في قلبي، وأحببت محمداً صلى الله عليه وسلم.