قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ...﴾ الآية. [٨٥].
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي، قال: أخبرنا محمد بن بشر بن العباس، أخبرنا أبو لبيد محمد بن أحمد بن بشر، حدثنا سويد عن سعيد، حدثنا علي بن مُسْهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال:
إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو متكئ على عسِيبٍ، فمر بنا ناس من اليهود، فقالوا: سلوه عن الروح، فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون، فأتاه نفر منهم فقالوا [له]: يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت ثم قام فأمسك بيده على جبهته، فعرفت أنه ينزل عليه. فأنزل الله عليه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ رواه البخاري، ومسلم جميعاً، عن عمر بن حَفْص بن غِيَاث، عن أبيه، عن الأعمش.
وقال عكرمة عن ابن عباس: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فنزلت هذه الآية.
وقال المفسرون: إن اليهود اجتمعوا، فقالوا لقريش حين سألوهم عن شأن محمد وحاله: سلوا محمداً عن الروح، وعن فِتْيَةٍ فُقِدُوا في أوّل الزمان، وعن رجل بلغ مشرق الأرض ومغربها، فإن أجاب في ذلك كله فليس بنبي، وإن لم يجب في ذلك [كلّه] فليس بنبي، وإن أجاب في بعض ذلك وأمسك عن بعضه فهو نبي. فسألوه عنها، فأنزل الله تعالى في شأن الفتية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ إلى آخر القصة، [وأنزل في الرجل الذي بلغ شرق الرض، وغربها: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ﴾ إلى آخر القصة]، وأنزل في الروح قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon