قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ...﴾ الآية. [٦].
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
لما نزلت ﴿وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ٱلْفَاسِقُونَ﴾ قال سعد بن عُبادة، وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الا تسمعون يا معشر الأنصار إلى ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله، إنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، ولا طلّق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها، من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنها حق، وأنها من عند الله، ولكن قد تعجبت أن لو وجدت لَكَاعِ قد تَفَخَّذَها رجل لم يكن لي أن أُهِيجَهُ ولا أحَرِّكَه حتى آتيَ بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. فما لبِثُوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية من أرضه عشية فوجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يُهْجهُ حتى أصبح فَغَدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عَشِياً فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه، فقال سعد بن عبادة: الآن يضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هلالَ بن أمية، ويبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مَخْرَجاً، فقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما قد اشتد عليك مما جئتك به، والله يعلم أني لصادق، فوالله إنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُريد أنْ يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي، وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تَرَبُّدِ جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت ﴿وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ﴾ الآيات كلها، فسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجاً ومَخْرجاً، فقال هلال: قد كنت أرجو ذاك من ربي، وذَكَرَ باقي الحديث.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن سِنَان المقري، قال أخبرنا أحمد بن علي بن المُثَنَّى، قال: حدثنا أبو خَيْثَمة، قال: حدثنا جرير، عن الأعْمَش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال:
إنا ليلة الجمعة في المسجد، إذ دخل رجل من الأنصار، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فإن تكلم جَلَدْتُموه، وإن قَتَلَ قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظٍ، والله لأسألن عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قَتَلَ قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ! فقال: اللهم افتح، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: ﴿وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ﴾ الآية، فابتُلي به الرجل مِنْ بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا، فشهد الرجل أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فذهبت لتلتعن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، فلَعَنتْ. فلما أدبرتْ قال: لعلها أن تجيء به أسودَ جَعْداً. فجاءت به أسودَ جعداً.
رواه مسلم عن أبي خَيْثَمَة.


الصفحة التالية
Icon