قوله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ...﴾ الآية. [٥٥].
روى الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في هذه الآية، قال:
مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عَشْرَ سنين - بعد ما أوحى الله إليه - خائفاً هو وأصحابه، يدعون إلى الله سبحانه سراً وعلانية. ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، وكانوا بها خائفين: يُصْبَحُون في السلاح، ويُمْسُون في السلاح. فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، ما يأتي علينا يومٌ نأمن فيه ونضع فيه السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن تلبثوا إلا يسيراً حتى يجلس الرجل منكم في الملإِ العظيم مُحْتبياً ليست فيهم حديدة. فأنزل الله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ...﴾ إلى آخر الآية. فأظهر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على جزيرة العرب، فوضعوا السلاح وآمنوا. ثم قبض الله تعال نبيه، فكانوا آمنين كذلك في إمارة أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه، وكفروا النعمة، فأدخل الله تعالى عليهم الخوف، وغيروا فغير الله [تعالى ما] بهم.
أخبرنا إسماعيل بن الحسن بن حمد بن الحسين النقيب، قال: أخبرنا جدي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن النَّصْرَابَاذِيّ، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدَّارِميّ، قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثنا أبي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب، قال:
قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، وآوتهم الأنصار -رمتهم العرب عن قوس واحدة: فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله عز وجل؟ فأنزل الله تعالى: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ﴾ يعني بالنعمة.
رواه الحاكم [أبو عبد الله] في صحيحه عن محمد بن صالح بن هانىء، عن أبي سعيد بن شاذان، عن الدارمي.