قوله تعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ...﴾ الآية. [٥١].
قال المفسرون [نزلت] حين غار بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم وآذينه بالغيرة وطلبن زيادة النفقة، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً حتى نزلت آية التخيير، وأمره الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، وأن يُخَلِّيَ سبيل من اختارت الدنيا ويمسك [منهن] من اختارت الله سبحانه ورسوله، على أنهن أمهات المؤمنين، ولا ينكحن أبداً، وعلى أن يؤوي إليه من يشاء ويُرْجِي منهن [إليه] من يشاء، فَيَرْضين به، قَسَمَ لَهُنَّ أو لم يَقْسِم، او فضّل بعضهن على بعض بالنفقة والقسمة والعشرة، ويكون الأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء؛ فرضين بذلك كله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما جعل الله تعالى له من التَّوْسَعَة يُسَوِّي بينهن في القِسْمَة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزَكِّي، قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي، قال: حدَّثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدَّثنا يحيى بن معين، قال: حدَّثنا عباد بن عباد، عن عاصم الأحْول، عن مُعَاذَة، عن عائشة، قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزلت ﴿تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ﴾ يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا. قالت معاذة [: فقلت] ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذلك إليّ لم أؤثر أحداً على نفسي. رواه البخاري عن حبّان بن موسى عن ابن المبارك، ورواه مسلم عن شريح بن يونس عن عباد، كلاهما عن عاصم.
وقال قوم: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقهن فقلن: يا نبي الله، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت، ودعنا على حالنا، فنزلت هذه الآية.
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب الأخرم قال: حدَّثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: حدَّثنا محاضر بن المودع، عن هشام بن عروة، عن أبيه:
عن عائشة: أنها كانت تقول لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها؟ فأنزل الله تعالى: ﴿تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ﴾ فقالت عائشة: أرى ربَّك يُسارعُ لك في هواك. رواه البخاري عن زكريا بن يحيى، ورواه مسلم عن أبي كُرَيب، كلاهما عن أبي أسامة، عن هشام.


الصفحة التالية
Icon