قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ...﴾ الآية. [٥٨].
قال عطاء عن ابن عباس: رأَى عمر رضي الله عنه جارية من الأنصار متبرجة فضربها وكره ما رأى من زينتها، فذهبت إلى أهلها تشكو عمر فخرجوا إليه فآذوه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أن أناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويُسْمِعُونه.
وقال الضحاك والسدي والكلبي: نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها، فإن سكتت اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء، ولكن لم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة، إنما يخرجن في دِرْعٍ وخمار. فشكون ذلك إلى أزواجهن، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
الدليل على صحة هذا قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ...﴾ الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن قال: حدَّثنا أبو علي الفقيه قال: حدَّثنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال: حدَّثنا زياد بن أيوب قال: حدَّثنا هشيم عن حصين عن أبي مالك قال:
كانت النساء المؤمنات يخرجن بالليل إلى حاجاتهن، وكان المنافقون يتعرضون لهنّ ويؤذونهن فنزلت هذه الآية.
وقال السّدي:
كانت المدينة ضيقة المنازل، وكانت النساء إذا كان الليل خرجن يقضين الحاجة، وكان فسّاق من فسّاق المدينة يخرجون، فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا: هذه حرة فتركوها، وإذا رأوا المرأة بغير قناع قالوا: هذه أمة فكانوا يراوِدُونها. فأنزل الله تعالى هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon