[قوله تعالى: ﴿أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً...﴾] [٥].
أخبرنا أبو القاسم بن أبي نصر الخزاعي قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه، قال: أخبرنا أبو بكر بن [أبي] دَارِم الحافظ، قال: حدَّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدَّثنا سفيان، عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
مرض أبو طالب، فجاءت قريش، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه ذلك، فشكوه إلى أبي طالب فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ قال: عم إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم [قال: وما الكلمة؟] قال: كلمة واحدة، قال: ما هي؟ قال: لا إله إلا الله، فقالوا: أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً؟ قال: فنزل فيهم القرآن: ﴿صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ * بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ حتى بلغ ﴿إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ﴾.
قال المفسرون: لما أسلم عمر بن الخطاب شق ذلك على قريش وفرح المؤمنون. قال الوليد بن المغيرة للملإ من قريش - وهم الصَّنادِيدُ والأشراف -: امشوا إلى أبي طالب. فأتوه فقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال [له:] يا ابن أخي، هؤلاء قومك يسألونك ذا السَّوَاء فلا تَمِلْ كلَّ الميل على قومك. فقال: وماذا يسألوني؟ قالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا لا إله إلا الله. فنفروا من ذلك وقاموا فقالوا: أَجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآيات [إلى قوله]: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾.