قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ...﴾ الآيات. [٣٣-٣٤].
قال ابن عباس والسدي والكلبي والمُسَيَّب بن شَرِيك: نزلت في عثمان بن عفان، كان يتصدق وينفق في الخير، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سَرْح: ما هذا الذي تصنع؟ يُوشِك أن لا يبقى لك شيء. فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا، وإني أَطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى [عليّ] وأرجو عفوه. فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ * وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ﴾ فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.
وقال مجاهد وابن زيد: نزلت في الوليد بن المُغِيرة، وكان قد ابتع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه، فعَيَّرَه بعضُ المشركين وقال [له]: لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال: إني خشيت عذاب الله. فضمن له - إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه - أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾. [٤٣].
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله [الحسين بن محمد الثقفي، حدَّثنا عبد الله بن] الفضل، قال: حدَّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدَّثنا دَلاَل بنت أبي المدل، قالت: حدَّثتنا الصَّهْباء، عن عائشة قالت:
مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يضحكون فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ فرجع إليهم فقال: ما خَطوت أربعين خطوة حتى تلقاني جبريل عليه السلام فقال: ائت هؤلاء وقل لهم: إن الله عز وجل يقول: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾.