قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ﴾ [٦].
يقول الله تعالى للمؤمنين: لقد كان لكم في إبراهيمَ ومن معه، من الأنبياء والأولياء، اقتداءٌ بهم في معاداة ذوي قَرَباتِهِم من المشركين، فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنين أقرباءهم المشركين في الله، وأظهروا لهم العداوة والبراءة؛ وعلم الله تعالى شدَّة وجد المؤمنين بذلك، فأنزل الله: ﴿عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً﴾ ثم فعل ذلك بأن أسلم كثير منهم، وصاروا لهم أولياءَ وإخواناً، فخالطوهم وناكحوهم، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حَبِيبَةَ بنت أبي سفيانَ بن حَرْب. فلان لهم أبو سفيان، وبلغه ذلك [وهو مشرك] فقال: ذاك الفَحْلُ لا يُقْرَعُ أنْفُه.
أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزاز، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيري، حدَّثنا أبو يعلى، حدَّثنا إبراهيم بن الحجاج، حدَّثنا عبد الله بن المبارك، عن مُصْعَب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال:
قدمت قُتَيْلَةُ بنت عبد العُزَّى على ابنتها أسماءَ بنت أبي بكر، بهدايا: ضِباب وسمن. وأقطٍ، فلم تقْبل هداياهم، ولم تُدخلْها منزلها؛ فسألت عنها عائشة النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ﴿لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ﴾ الآية. فأدخلتها منزلها، وقبلتْ منها هداياها. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه، عن أبي العباس السَّيَّاري، عن عبد الله الغزال، عن ابن شقيق، عن ابن المبارك.