وإجماع السلف، ثم إن اليقين ثابت لغيرهم أيضاً حتى الفجار يوم القيامة سوف يرون ما وُعدوا به حقًّا ويقينًا، وليس هذا موضع الإطالة في إثبات رؤية الله عز وجل والمناقشة في أدلة الفريقين؛ لأن الأمر ولله الحمد أوضح من أن يطال الكلام فيه (١)، ﴿ثم إنهم لصالوا الجحيم﴾ أي هؤلاء الفجار ﴿لصالوا الجحيم﴾ أي يصلونها يصلون حرارتها أو عذابها نسأل الله العافية، ثم يقال تقريعاً لهم وتوبيخاً ﴿هذا الذي كنتم به تكذبون﴾ فيجتمع عليهم العذاب البدني والألم البدني بصلي النار وكذلك العذاب القلبي بالتوبيخ والتنديم حيث يقال: ﴿هذا الذي كنتم به تكذبون﴾ ولهذا يقولون يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون﴾. [الأنعام: ٢٨].
ولما ذكر الله تعالى أحوال الفجار وما لهم من العذاب، ذكر أحوال الأبرار وما لهم من النعيم فقال:
﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَبَ الاَْبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَبٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الاَْبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ * عَلَى الاَْرَآئِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَمُهُ مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَفِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾.
﴿كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين﴾ هذه الآية يذكر الله عز وجل خبراً مؤكدا «بإن» لأن ﴿إن﴾ في اللغة العربية من أدوات التوكيد. فإنك إذا قلت: الرجل قائم، هذا خبر غير مؤكد، فإذا قلت: إن الرجل قائم. صار خبراً مؤكداً فيقول الله عز وجل: {إن كتاب الأبرار
_________
(١) انظر مجموع فتاوى ورسائل فضيلة شيخنا رحمه الله ٨/٤٦٩.