موت (١) ويقال لهم: ادخلوها بسلام، ويقال لهم: إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، وأن تصحوا فلا تمرضوا أبدا ً، وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً (٢)، وكل هذا مما يدخل السرور على القلب فيحصل لهم بذلك نعيم القلب ونعيم البدن (والملائكة يدخون عليهم من كل باب) يقولون ﴿سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾ [الرعد: ٢٤]. جعلنا الله منهم، وقوله تعالى: ﴿على الأرائك﴾ الأرائك جمع أريكة وهي السرير المزخرف المزيّن الذي وَضع عليه مثل الظل، وهو من أفخر أنواع الأسرة فهم على الأرائك على هذه الأسرة الناعمة الحسنة البهية ﴿ينظرون﴾ يعني ينظرون ما أنعم الله به عليهم من النعيم الذي لا تدركه الأنفس الآن ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ [السجدة: ١٧]. وقال بعض العلماء: إن هذا النظر يشمل حتى النظر إلى وجه الله، وجعلوا هذه الآية من الأدلة على ثبوت رؤية الله عز وجل في الجنة ﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾ أي تعرف أيها الناظر إليهم ﴿في وجوههم نضرة النعيم﴾ أي حسن النعيم وبهاءه، أي التنعم، وأنتم تشاهدون الان في الدنيا أن المنعمين المترفين وجوههم غير وجوه الكادحين العاملين.
تجدها نضرة، تجدها حسنة، تجدها منعمة، فأهل الجنة تعرف في وجوههم نضرة النعيم أي التنعم والسرور؛ لأنهم أسّر ما يكون، وأنعم ما يكون، ثم قال الله تعالى في بيان ما لهم من النعيم ﴿يسقون من رحيق مختوم﴾ الضمير في قوله: ﴿يسقون﴾ يعني الأبرار، يسقيهم الله عز وجل بأيدي الخدم الذين وصفهم الله بقوله: {يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين. لا يصدعون
_________
(١) أخرجه البخاري كتاب الرقائق باب صفة الجنة والنار (٦٥٤٨)، ومسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء (٢٨٤٩) (٢٢).
(٢) أخرجه مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في دوام نعيم أهل الجنة (٨٣٧) (٢٢).


الصفحة التالية
Icon