فالجواب: لا. لأن العين والنهر لا يُحمل. إذن لماذا لم يقل يشرب منها المقربون؟ والجواب عن هذا الإشكال من أحد وجهين: فمن العلماء من قال: (الباء) بمعنى (من) فمعنى ﴿يشرب بها﴾ أي يشرب منها. ومنهم من قال: إن يشرب بمعنى يروى ضمّنت معنى يروى فمعنى ﴿يشرب بها﴾ أي يروى بها المقربون. وهذا المعنى أو هذا الوجه أحسن من الوجه الذي قبله؛ لأن هذا الوجه يتضمن شيئين يرجحانه وهما: أولاً: إبقاء حرف الجر على معناه الأصلي. والثاني: أن الفعل ﴿يشرب﴾ ضمَّن معنى أعلى من الشرب وهو الري، فكم من إنسان يشرب ولا يروى، لكن إذا روي فقد شرب، وعلى هذا فالوجه الثاني أحسن وهو أن يضمّن الفعل ﴿يشرب﴾ بمعنى يروى.
﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَءَامَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُواْ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَآلُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَفِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَءَامَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الاَْرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾.
﴿إن الذين أجرموا﴾ أي قاموا بالجرم وهو المعصية والمخالفة ﴿كانوا﴾ أي في الدنيا ﴿من الذين آمنوا يضحكون﴾ استهزاءاً وسخرية واستصغاراً لهم، ﴿وإذا مروا﴾ الفاعل يصح أن يكون إذا مر المؤمنون بالمجرمين، أو إذا مر المجرمون بالمؤمنين، والقاعدة التي ينبغي أن تفهم في التفسير: أن الآية إذا احتملت معنيين لا ينافي أحدهما الآخر وجب