الأخير فهذا يعني أنه ليس بعده شيء، والذي يرى أن القبر هو المثوى الأخير وليس بعده مثوى، كافر، فالمثوى الأخير إما جنة وإما نار.
الثالث: الأبدان يركب الإنسان فيها طبقاً عن طبق واستمع إلى قول الله تعالى: ﴿الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير﴾ [الروم: ٥٤]. أول ما يخلق الإنسان طفلاً صغيراً يمكن أن تجمع يديه ورجليه بيد واحدة منك وتحمله بهذه اليد ضعيفًا، ثم لايزال يقوى رويداً رويداً حتى يكون شاباً جلداً قوياً، ثم إذا استكمل القوة عاد فرجع إلى الضعف، وقد شبه بعض العلماء حال البدن بحال القمر يبدو هلالاً ضعيفاً، ثم يكبر شيئاً فشيئاً حتى يمتلىء نوراً، ثم يعود ينقص شيئاً فشيئاً حتى يضمحل، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.
الرابع: حال القلوب وما أدراك ما أحوال القلوب؟! أحوال القلوب هي النعمة وهي النقمة، والقلوب كل قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء (١)، فإن شاء أزاغه وإن شاء هداه، ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث قال: «اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (٢)، فالقلوب لها أحوال عجيبة، فتارة يتعلق القلب بالدنيا، وتارة يتعلق بشيء من الدنيا، وتارة يتعلق بالمال ويكون المال أكبر همه، وتارة يتعلق بالنساء وتكون النساء أكبر همه، وتارة يتعلق بالقصور والمنازل ويكون ذلك أكبر همه، وتارة يتعلق بالمركوبات والسيارات ويكون ذلك أكبر همه، وتارة يكون مع الله
_________
(١) أخرجه مسلم كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (٢٦٥٤) (١٧).
(٢) أخرجه الترمزي كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن (٢١٤٠). وقال: حديث حسن صحيح..


الصفحة التالية
Icon