تؤدي شكرها أو لا تؤدي، إن أصابتك ضراء فاصبر فإن ذلك أيضاً ابتلاء وامتحان من الله عز وجل ليبلوك هل تصبر أو لا تصبر، وإذا صبرت واحتسبت الأجر من الله فإن الله يقول: ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ [الزمر: ١٠].
ويجوز أن يكون معنى قوله: ﴿الحميد﴾ أنه هو الحامد، فإنه سبحانه وتعالى يحمد من يستحق الحمد، يثني على عباده من المرسلين والأنبياء والصالحين، والثناء عليهم حمدٌ لهم، فهو جل وعلا حامد، وهو كذلك محمود، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها (١)، لأنه لولا أن الله يسر لك هذه الأكلة والشربة ما حصلت عليها، قال الله تبارك وتعالى: ﴿أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون﴾ [الواقعة: ٦٣-٦٤]. الله يسألنا، أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون؟ الجواب: بل أنت يا ربنا ﴿لو نشاء لجعلناه حطاماً﴾ بعد أن يخرج وتتعلق به النفوس يجعله الله حطاماً، ولم يأت التعبير «لو نشاء لم ننبته» لأن كونه ينبت وتتعلق به النفس ثم يكون حطاماً أشد وقعاً على النفس من كونه لا ينبت أصلاً ﴿لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون﴾ ﴿الواقعة: ٦٥- ٦٧﴾ ثم ذكر الشرب فقال: ﴿أفرأيتم الماء الذي تشربون. أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون﴾ ﴿الواقعة ٦٨- ٦٩﴾ الجواب: بل أنت يا ربنا ﴿لو نشاء جعلناه أجاجاً﴾ أي مالحاً غير عذب لا يستطيع الإنسان أن يشربه ﴿فلولا تشكرون﴾ يعني فهلا تشكرون الله على ذلك، وهنا لم يأت التعبير «لو نشاء لم ننزله من المزن»، لأن كونه ينزل
_________
(١) أخرجه مسلم كتاب الذكر والدعاء باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل زالشرب (٢٧٣٤) (٨٩).


الصفحة التالية
Icon