البقاع إلى الله (١) هذه المحبة متعلقة بالأماكن فالله تعالى يُحِب ويُحَب ولهذا قال: ﴿وهو الغفور الودود﴾. ثم بين عظمته وتمام سلطانه في قوله: ﴿ذو العرش﴾ أي صاحب العرش، والعرش هو الذي استوى عليه الله عز وجل، وهو أعظم المخلوقات وأكبرها وأوسعها، وقد جاء في الأثر أن السماوات السبع والأراضين السبع بالنسبة إلى الكرسي كحلقة ألقيت في فلاة في الأرض، وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة (٢)،
حلقة الدرع صغيرة ألقيت في فلاة من الأرض ليست بشيء بالنسبة لها، «وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة»، إذن لا أحد يقدر سعته، وإذا كنا نشاهد من المخلوقات المشهودة الآن التباين العظيم في أحجامها. ولقد أطلعني رجل على صورة الشمس وصورة الأرض، فوجدت أن الأرض بالنسبة لهذه الشمس كنقطة غير كبيرة في صحن واسع كبير، وأنها لا تنسب إلى الشمس إطلاقا، فإذا كان هذا في الأشياء المشهودة التي تدرك بالتلسكوب وغيره فما بالك بالأشياء الغائبة عنا لأن ما غاب عنا أعظم مما نشاهد قال الله تعالى: ﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً﴾ [الإسراء: ٨٥]. فالحاصل أن العرش هو سقف المخلوقات كلها، عرش عظيم استوى عليه الرحمن ـ جل وعلا ـ كما قال تعالى: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ [طه: ٥]. وقوله:
_________
(١) أخرجه الترمزي كتاب المناقب، باب في فضل مكة (٣٩٢٥) ٠ وقال: حديث حسن غريب صحيح.
(٢) أخرجه ابن جرير ٣/٧، وأبن أبي شيبة في كتاب العرش رقم (٥٨) والبيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٢) من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (١٠٩) وقال: (وأعلم أنه لا يصح حديث مرفوع عن النبي ﷺ في صفة العرش إلا هذا الحديث) وانظر شرح العقيدة الواسطية لفضيلة شيخنا رحمه الله تعالى ص (١٤٠) من إعداد كاتبه..


الصفحة التالية
Icon