آخره... إلى قوله ﴿يوم تبلى السرائر. فما له من قوة ولا ناصر﴾ قال تعالى: ﴿والسماء ذات الرجع. والأرض ذات الصدع﴾ هذا هو القسم الثاني للسماء، والقسم الأول ما كان في أول السورة، فهناك قال: ﴿والسماء والطارق. وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب﴾ وهنا قال: ﴿والسماء ذات الرجع. والأرض ذات الصدع. إنه لقول فصل﴾ والمناسبة بين القسمين ـ والله أعلم ـ أن الأول فيه إشارة إلى الطارق الذي هو النجم، والنجم تُرمى به الشياطين الذين يسترقون السمع، وفي رمي الشياطين بذلك حفظ لكتاب الله عز وجل، أما هنا فأقسم بالسماء ذات الرجع أن هذا القرآن قول فصل، فأقسم على أن القرآن قول فصل، فصار القسم الأول مناسبته أن فيه الإشارة إلى ما يحفظ به هذا القرآن حال إنزاله، وفي القسم الثاني الإشارة إلى أن القرآن حياة، يعني يقال: ﴿والسماء ذات الرجع﴾ الرجع هو المطر، يسمى رجعاً لأنه يرجع ويتكرر، ومعلوم أن المطر به حياة الأرض. ﴿والأرض ذات الصدع﴾ الصدع هو الانشقاق يعني التشقق بخروج النبات منه، فأقسم بالمطر الذي هو سبب خروج النبات، وبالتشقق الذي يخرج منه النبات، وكله إشارة إلى حياة الأرض بعد موتها، والقرآن به حياة القلوب بعد موتها، كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا﴾ [الشورى: ٥٢]. فسمى الله القرآن روحاً لأنه تحيى به القلوب.
يقول عز وجل: ﴿والسماء ذات الرجع﴾ أي ذات المطر. ﴿والأرض ذات الصدع﴾ أي ذات الانشقاق لخروج النبات منها. ﴿إنه﴾ أي القرآن ﴿لقول فصل﴾ وصفه الله تعالى بأنه قول فصل، وهو قول الله عز وجل، فهو الذي تكلم به وألقاه إلى جبريل عليه الصلاة


الصفحة التالية
Icon