وسلم وعائشة في الحجرة يخفى عليها بعض حديثها، والله تعالى يقول في كتابه: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها﴾ [المجادلة: ١]. ولهذا قالت عائشة: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات) (١)، إن المرأة المجادلة لتشتكي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنه ليخفى علي بعض حديثها. إذن معنى ﴿سبح﴾ نزه الله عن كل عيب ونقص. وقوله: ﴿اسم ربك الأعلى﴾ قال بعض المفسرين: إن قوله ﴿اسم ربك﴾ يعني مسمى ربك؛ لأن التسبيح ليس للاسم بل لله نفسه، ولكن الصحيح أن معناها: سبح ربك ذاكراً اسمه، يعني لا تسبحه بالقلب فقط بل سبحه بالقلب واللسان، وذلك بذكر اسمه تعالى، ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: ﴿فسبح باسم ربك العظيم﴾ [الواقعة: ٩٦]. يعني سبح تسبيحاً مقروناً باسم، وذلك لأن تسبيح الله تعالى قد يكون بالقلب، بالعقيدة، وقد يكون باللسان، وقد يكون بهما جميعاً، والمقصود أن يسبح بهما جميعاً بقلبه لافظاً بلسانه. وقوله ﴿ربك﴾ الرب معناه الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، فالله تعالى هو الخالق، وهو المالك، وهو المدبر لجميع الأمور، والمشركون يقرون بذلك ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ [لقمان: ٢٥]. ﴿ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله﴾ [الزخرف: ٨٧]. وأخبر الله سبحانه وتعالى أنهم إذا سئلوا ﴿أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله﴾ [يونس: ٣١].
فهم يقرون بأن الله له الملك، وله التدبير، وله الخلق، لكن يعبدون معه غيره، وهذا من الجهل، كيف تقر بأن الله وحده هو الخالق، المالك، المدبر للأمور
_________
(١) أخرجه البخاري معلقاً، كتاب التوحيد باب) وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (٩). ووصله الإمام أحمد في المسند (٦/٤٦).


الصفحة التالية
Icon