يموت فيها ولا يحيى} المعنى لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياة سعيدة، وإلا فهم أحياء في الواقع لكن أحياء يعذبون ﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها﴾ [النساء: ٥٦]. كما قال الله عز وجل ﴿ونادوا يا مالك﴾ وهو خازن النار ﴿ليقض علينا ربك﴾ يعني ليهلكنا ويريحنا من هذا العذاب ﴿قال إنكم ماكثون﴾ ولا راحة ويقال لهم: ﴿لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون﴾ [الزخرف: ٧٨]. هذا معنى قوله: ﴿لا يموت فيها ولا يحيى﴾ لأنه قد يشكل على بعض الناس كيف يكون الإنسان لا حي ولا ميت؟ والإنسان إما حي وإما ميت؟
فيقال: لا يموت فيها ميتة يستريح بها، ولا يحيى حياة يسعد بها، فهو في عذاب وجحيم، وشدة يتمنى الموت ولكن لا يحصل له، هذا هو معنى قوله تعالى: ﴿ثم لا يموت فيها ولا يحيى﴾.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا * وَالآخرة خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الاُْولَى * صُحُفِ إِبْرَهِيمَ وَمُوسَى﴾.
﴿قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى﴾ ﴿أفلح﴾ مأخوذ من الفلاح، والفلاح كلمة جامعة، وهو: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب، هذا هو معنى الفلاح فهي كلمة جامعة لكل خير، دافعة لكل شر. وقوله: ﴿من تزكى﴾ مأخوذة من التزكية وهو التطهير، ومنه سميت الزكاة زكاة؛ لأنها تطهر الإنسان من الأخلاق الرذيلة، أخلاق البخل كما قال تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ [التوبة