خطر على قلب بشر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون﴾ [السجدة: ١١]. وقال تبارك وتعالى: ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون﴾ إلى قوله: ﴿أولئك هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ [المؤمنون: ١٠، ١١]. وقال الله تعالى: ﴿وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون﴾ [الزخرف: ٧١]. فهم في ﴿جنة عالية﴾ العلو ضد السفول فهي فوق السماوات السبع، ومن المعلوم أنه في يوم القيامة تزول السماوات السبع والأرضون ولا يبقى إلا الجنة والنار فهي عالية وأعلاها ووسطها الفردوس الذي فوقه عرش الرب جل وعلا. ﴿لا تسمع فيها لاغية﴾ أي لا تسمع في هذه الجنة قولةً لاغية، أو نفساً لاغية، بل كل ما فيها جد، كل ما فيها سلام، كل ما فيها تسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، أي أنه لا يشق عليهم، فهم دائماً في ذكر الله عز وجل، وتسبيح وأنس وسرور، يأتي بعضهم إلى بعض يزور بعضهم بعضاً في حبور لا نظير له.
﴿فيها عين جارية﴾ وهذه العين بين الله عز وجل أنها أنهار ﴿فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾ [محمد: ١٥]. ﴿جارية﴾ أي تجري حيث أراد أهلها لا تحتاج إلى حفر ساقية، ولا إقامة أخدود كما قال ابن القيم رحمه الله:
أنهارها في غير أخدود جرت
سبحان ممسكها عن الفيضان
﴿فيها سرر مرفوعة. وأكواب موضوعة. ونمارق مصفوفة. وزرابي مبثوثة﴾ انظر للتقابل ﴿فيها سرر مرفوعة﴾ عالية يجلسون عليها