عز وجل؛ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حيًّا قادراً على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ [المائدة: ٢].
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟
فالجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الولّي الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضاً شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك.
فإن قال قائل: هل يجوز أن يستعين المخلوق فيما تجوز استعانته به؟
فالجواب: الأولى أن لا يستعين بأحد إلا عند الحاجة، أو إذا علم أن صاحبه يُسر بذلك، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه؛ وينبغي لمن طلبت منه الإعانة على غير الإثم والعدوان أن يستجيب لذلك.
﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.
قوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ :﴿الصراط﴾ فيه قراءتان: بالسين: ﴿السراط﴾، وبالصاد الخالصة: ﴿الصراط﴾ ؛ والمراد بـ ﴿الصراط﴾ الطريق؛ والمراد بـ «الهداية» هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛ فأنت بقولك: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ تسأل الله