بينهم، يدمر بعضهم بعضاً، وعلى هذا فما حصل من المسلمين من اقتتال بعضهم بعضاً، ومن تدمير بعضهم بعضاً إنما هو بسبب المعاصي والذنوب، يسلط الله بعضهم على بعض ويكون هذا عقوبة من الله سبحانه وتعالى، ﴿فصب عليهم ربك﴾ الصب معروف أنه يكون من فوق، والعذاب الذي أتى هؤلاء من فوق من عند الله عز وجل ﴿سوط عذاب﴾ السوط هو العصا الذي يضرب به، ومعلوم أن الضرب بالعصا نوع عذاب، لكن هل هذاالسوط الذي صبه الله تعالى على عاد، وثمود، وفرعون، هل هو العصا المعروف الذي نعرف، أو أنه عصا عذاب أهلكهم؟ الجواب: الثاني عصا عذاب أهلكهم وأبادهم. نسأل الله تعالى أن يجعل لنا فيما سبق من الأمم عبرة نتعظ بها وننتفع بها، ونكون طائعين لله عز وجل غير طاغين، إنه على كل شيء قدير. ﴿إن ربك لبالمرصاد﴾ الخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو لكل من يتوجه إليه الخطاب، يبين الله عز وجل أنه بالمرصاد لكل من طغى واعتدى وتكبر، فإنه له بالمرصاد سوف يعاقبه ويؤاخذه، وهذا المعنى له نظائر في القرآن الكريم منها قوله تبارك وتعالى: ﴿أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها﴾ [محمد: ١٠]. وكقول شعيب لقومه: ﴿ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد﴾ [هود: ٨٩].
فسنة الله سبحانه وتعالى واحدة في المكذبين لرسله، المستكبرين عن عبادته هو لهم بالمرصاد، وهذه الآية تفيد التهديد والوعيد لمن استكبر عن عبادة الله، أو كذب خبره.


الصفحة التالية
Icon