أخبرت به الرسل عن الله عز وجل وعن اليوم الآخر، في ذلك اليوم يتذكر الإنسان ولكن قال الله عز وجل: ﴿أنى له الذكرى﴾ أي بعيد أن ينتفع بهذه الذكرى التي حصلت منه حين شاهد الحق يقول الإنسان: ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ يتمنى أنه قدم لحياته وما هي حياته؟ أهي حياة الدنيا؟ لا والله، الحياة الدنيا انتهت وقضت، وليست الحياة الدنيا حياة في الواقع، الواقع أنها هموم وأكدار، كل صفو يعقبه كدر، كل عافية يتبعها مرض، كل اجتماع يعقبه تفرق، انظروا ما حصل أين الاباء؟ أين الإخوان؟ أين الأبناء؟ أين الأزواج؟ هل هذه حياة؟ ولهذا قال بعض الشعراء الحكماء:
لا طيب للعيش مادامت منغصة
لذاته بادكار الموت والهرم
كل إنسان يتذكر أن مآله أحد أمرين: إما الموت، وإما الهرم، نحن نعرف أناساً كانوا شباباً في عنفوان الشباب عُمّروا لكن رجعوا إلى أرذل العمر، يَرقُ لهم الإنسان إذا رآهم في حالة بؤس، حتى وإن كان عندهم من الأموال ما عندهم، وعندهم من الأهل ما عندهم، لكنهم في حالة بؤس، وهكذا كل نسان إما أن يموت مبكراً، وإما أن يُعمّر فيرد إلى أرذل العمر فهل هذه حياة؟ الحياة هي ما بينه الله عز وجل: ﴿وإن الدار الآخرة لهي الحيوان﴾ يعني لهي الحياة التامة ﴿لو كانوا يعلمون﴾ [العنكبوت: ٦٤]. يقول هذا: ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ يتمني لكن لا يحصل ﴿أنى له الذكرى﴾. قال تعالى: ﴿فيومئذ لا يعذِّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد﴾ فيها قراءتان: الأولى ﴿لا يعذِّب عذابه أحد ولا يوثِقُ وَثاقه أحد﴾ أي لا يعذب عذاب الله أحد، بل عذاب الله أشد، ولا يوثق وثاق الله أحد، بل هو أشد. القراءة الثانية: ﴿لا يعذَّب عذابه أحد ولا يُوثَق وثاقه أحد﴾ يعني في هذا اليوم لا أحد


الصفحة التالية
Icon