حسير}. [الملك: ٣، ٤]. ﴿والأرض وما طحاها﴾ يعني: الأرض وما سواها حتى كانت مستوية، وحتى كانت ليست لينة جداً، وليست قوية صلبة جداً، بل هي مناسبة للخلق على حسب ما تقوم به حوائجهم، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده أن سوى لهم الأرض وجعلها بين اللين والخشونة إلا في مواضع لكن هذا القليل لا يحكم به على الكثير. ﴿ونفس وما سواها﴾ نفس هنا وإن كانت واحدة لكن المراد العموم. يعني كل نفس ﴿وما سواها﴾ يعني سواها خِلقة وسواها فطرة، سواها خلقة حيث خلق كل شيء على الوجه الذي يناسبه ويناسب حاله. قال الله تعالى: ﴿الذي أعطى كل شيء خلقه﴾ أي خلقه المناسب له ﴿ثم هدى﴾ [طه: ٥٠]. أي: هداه لمصالحه، وكذلك سواه فطرة ولا سيما البشر فإن الله جعل فطرتهم هي الإخلاص والتوحيد كما قال تعالى: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾. [الروم: ٣٠]. ﴿فألهمها﴾ أي الله عز وجل ألهم هذه النفوس ﴿فجورها وتقواها﴾ بدأ بالفجور قبل التقوى مع أن التقوى لا شك أفضل، قالوا: مراعاة لفواصل الآيات. ﴿فجورها وتقواها﴾ الفجور هو ما يقابل التقوى، والتقوى طاعة الله، فالفجور معصية الله، فكل عاص فهو فاجر. وإن كان الفاجر خصَّ عرفاً بأنه من ليس بعفيف، لكن هو شرعاً يعم كل من خرج عن طاعة الله كما قال تعالى: ﴿كلا إن كتاب الفجار لفي سجين﴾ [المطففين: ٧]. والمراد الكفار. وإلهامها تقواها هو الموافق للفطرة؛ لأن الفجور خارج عن الفطرة، لكن قد يلهمه الله بعض النفوس لانحرافها لقوله تعالى: ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ [الصف: ٥]. والله تعالى لا يظلم أحدًا، لكن من علم منه أنه لا يريد الحق أزاغ الله قلبه.
﴿قد أفلح من زكاها﴾ ﴿قد أفلح﴾ أي: فاز بالمطلوب