العلماء: إنه كلما جاء إنسان وأعطاها من الماء بقدر أعطته من اللبن بقدره، ولكن الذي يظهر من القرآن خلاف ذلك. لقوله تعالى: ﴿لها شرب ولكم شرب يوم معلوم﴾ [الشعراء: ١٥٥]. فالناقة تشرب من البئر يوماً، ثم تدر اللبن في اليوم الثاني، ولكن لم تنفعهم هذه الآية: ﴿كذبت ثمود بطغواها﴾ أي بطغيانها وعتوها، والباء هنا للسببية، أي: بسبب كونها طاغية كذبت الرسول. ﴿إذ انبعث أشقاها﴾ هذا بيان للطغيان الذي ذكره الله عز وجل وذلك حين انبعث أشقاها. و ﴿انبعث﴾ يعني: انطلق بسرعة. ﴿أشقاها﴾ أي أشقى ثمود أي: أعلاهم في الشقاء ـ والعياذ بالله ـ يريد أن يقضي على هذه الناقة. فقال لهم رسولهم صالح عليه الصلاة والسلام: ﴿ناقة الله وسقياها﴾ أي ذروا ناقة الله، لقوله تعالى في آية أخرى: ﴿فذروها تأكل في أرض الله﴾ [الأعراف: ٧٣]. يعني اتركوا الناقة لا تقتلوها ولا تتعرضوا لها بسوء ولكن كانت النتيجة بالعكس. ﴿فكذبوه﴾ أي: كذبوا صالحاً وقالوا: إنك لست برسول، وهكذا كل الرسل الذين أرسلوا إلى أقوامهم يصمهم أقوامهم بالعيب. كما قال الله تعالى: ﴿كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون﴾. [الذاريات: ٥٢].
كل الرسل قيل لهم هذا ساحر أو مجنون، كما قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحر، كذاب، مجنون، شاعر، كاهن، ولكن ألقاب السوء التي يلقبها الأعداء لأولياء الله لا تضرهم، بل يزدادون بذلك رفعة عند الله سبحانه وتعالى، وإذا احتسبوا الأجر أثيبوا على ذلك. فيقول عز وجل: ﴿فعقروها﴾ أي: فذبحوا الناقة عقراً حصل به الهلاك. ﴿فدمدم عليهم ربهم﴾ يعني: أطبق عليهم فأهلكهم كما تقول: دمدمت البئر: أي أطبقت عليها التراب. ﴿بذنبهم﴾ أي: بسبب ذنوبهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا


الصفحة التالية
Icon