ثم قال عز وجل: ﴿وما يغني عنه ماله إذا تردى﴾ يعني أي شيء يغني عنه ماله إذا بخل به وتردى. أي: هلك أي شيء يغني المال؟ لا يغني شيئاً.
﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا للآخرة وَالاُْولَى * فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لاَ يَصْلَهَآ إِلاَّ الاَْشْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الاَْتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لاَِحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاَْعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾.
﴿إن علينا للهدى﴾ فيه التزام من الله عز وجل أن يبين للخلق ما يهتدون به إليه. والمراد بالهدىهنا: هدى البيان والإرشاد فإن الله تعالى التزم على نفسه بيان ذلك حتى لا يكون للناس على الله حجة وهذا في قوله تعالى: ﴿إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده﴾ [النساء: ١٦٣]. إلى أن قال: ﴿رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾. [النساء: ١٦٥]. فلا يمكن للعقل البشري أن يستقل بمعرفة الهدى، ولذلك التزم الله عز وجل بأن يبين الهدى للإنسان ﴿إن علينا للهدى﴾ وليُعلم أن الهدى نوعان:
١ ـ هدى التوفيق. فهذا لا يقدر عليه إلا الله.
٢ ـ هدى إرشاد ودلالة، فهذا يكون من الله، ويكون من الخلق: من الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن العلماء.
كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾. [الشورى: ٥٢]. أما هداية التوفيق فهي إلى الله لا أحد يستطيع أن يوفق شخصاً إلى الخير كما قال الله تعالى: {إنك لا


الصفحة التالية
Icon