التذلل والخضوع، هؤلاء الزبانية لا يمكن لهذا وقومه وناديه أن يقابلوهم أبداً ولهذا قال: ﴿سندع الزبانية﴾ فإن قال قائل: أين الواو في قوله ﴿سندع﴾ ؟ قلنا: إنها محذوفة لالتقاء الساكنين، لأن الواو ساكنة والهمزة همزة الوصل ساكنة، وإذا التقى ساكنان فإنه إن كان الحرف صحيحاً كسر، وإن كان غير صحيح حذف، قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته:
إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق
وإن يكن ليناً فحذفه استحق
يعني إذا التقى ساكنان إن كان الحرف الأول صحيحاً ليس من حروف العلة كسر مثل قوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا﴾ وأصلها ﴿لم يكنْ﴾ لأن لم إذا دخلت على الفعل جزمته كما في قوله تعالى: ﴿ولم يكن له كفواً أحد﴾ لكن هنا التقى ساكنان، وكان الأول حرفاً صحيحاً فكسر، أما إذا كان الأول حرف لين، يعني حرفاً من حروف العلة فإنه يحذف كما في هذه الآية ﴿سندع الزبانية﴾.
﴿كلا لا تطعه واسجد واقترب﴾ يقال في ﴿كلا﴾ ما قيل في الأولى التي قبلها والخطاب في قوله: ﴿لا تطعه﴾ أي لا تطع هذا الذي ينهاك عن الصلاة، بل اسجد ولا تبالي به، وإذا كان الله نهى نبيه صلى الله عليه وسلّم أن يطيع هذا الرجل فهذا يعني أنه جل وعلا سيدافع عنه، يعني افعل ما تؤمر ولا يهمنك هذا الرجل، واسجد لله عز وجل، والمراد بالسجود هنا الصلاة، لكن عبر بالسجود عن الصلاة لأن السجود ركن في الصلاة لا تصح إلا به، فلهذا عبر به عنها. وقوله: ﴿واقترب﴾ أي اقترب من الله عز وجل؛ لأن الساجد أقرب ما يكون من ربه كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: «أقرب ما


الصفحة التالية
Icon