مكونة من مبتدأ وخبر، والخبر فيها مقدم، والتقدير: «هي سلام» أي هذه الليلة سلام، ووصفها الله تعالى بالسلام، لكثرة من يسلم فيها من الآثام وعقوباتها، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (١)، ومغفرة الذنوب لا شك أنها سلامة من وبائها وعقوباتها. ﴿حتى مطلع الفجر﴾ أي تتنزل الملائكة في هذه الليلة حتى مطلع الفجر، أي إلى مطلع الفجر، وإذا طلع الفجر انتهت ليلة القدر.
تنبيه: سبق أن قلنا إن ليلة القدر في رمضان، لكن في أي جزء من رمضان أفي أوله، أو وسطه، أو آخره؟
نقول في الجواب على هذا: إن النبي صلى الله عليه وسلّم اعتكف العشر الأول، ثم العشر الأوسط تحرياً لليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر (٢)، إذاً فليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان. وفي أي ليلة منها؟ الله أعلم قد تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة الثلاثين، أو فيما بينهما، فلم يأت تحديد لها في ليلة معينة كل عام، ولهذا أري النبي صلى الله عليه وسلّم ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين ورأى في المنام أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فأمطرت السماء تلك الليلة أي ليلة إحدى وعشرين، فصلى النبي صلى الله عليه وسلّم في مسجده، وكان مسجده من عريش لا يمنع تسرب الماء من السقف، فسجد النبي صلى الله عليه وسلّم صباحها أي في صلاة الفجر في الماء والطين، ورأى الصحابة رضي الله عنهم على جبهته أثر الماء والطين (٣)، ففي تلك الليلة كانت في ليلة إحدى
_________
(١) أخرجه البخاري كتاب فضل ليلة القدر باب فضل ليلة القدر (٢٠١٤) ومسلم كتاب صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (٧٦٠) (١٧٥).
(٢) أخرجه البخاري كتاب الأذان باب السجود (٨١٣) ومسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر (١١٦٧) (٢١٥).
(٣) أخرجه البخاري كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر (٢٠١٦) ومسلم كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها (١١٦٧) (٢١٣).


الصفحة التالية
Icon