الأسماء) (١)،
لكنها الحقائق تختلف اختلافاً عظيماً، قال عز وجل: ﴿جنات عدن﴾ العدن بمعنى الإقامة في المكان وعدم النزوح عنه، ومن تمام نعيم أهل الجنة أن كل واحد منهم لا يطلب تحولاً عما هو عليه من النعيم، لأنه لا يرى أن أحداً أكمل منه، ولا يحس في قلبه أنه في غضاضة بالنسبة لمن هو أرقى منه وأكمل قال الله تبارك وتعالى: ﴿لا يبغون عنها حولاً﴾ [الكهف: ١٠٨]. أي لا يبغون تحولاً عما هم عليه لأن الله قد أقنعهم بما أعطاهم فلا يجدون أحداً أكمل نعيماً منهم، ولهذا سمى الله تعالى هذه الجنات جنات عدن ﴿تجري من تحتها الأنهار﴾ ﴿من تحتها﴾ قال العلماء: من تحت قصورها وأشجارها وإلا فهو على سطحها وليس أسفل، إنما هو من تحت هذه القصور والأشجار، والأنهار التي ذكرها الله عز وجل هنا مجملة فصلها في سورة (محمد) فقال: ﴿مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾ [محمد: ١٥]. وقد جاء في الآثار من وصف هذه الأنهار أنها تجري بغير أخدود وبغير خنادق (٢) بمعنى أن النهر يجري على سطح الأرض يتوجه حيث وجهه الإنسان، ولا يحتاج إلى شق خنادق، ولا إلى بناء أخدود تمنع سيلان الماء يميناً وشمالاً، وفي هذا يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه النونية:
أنهارها من غير أخدود جرت
سبحان ممسكها عن الفيضان
﴿خالدين فيها أبداً﴾ أي ماكثين فيها أبداً، لا يموتون، ولا يمرضون، ولا يبأسون، ولا يألمون، ولا يحزنون، ولا يمسهم فيها
_________
(١) تقدم تخريجه ص (١٣٦)..
(٢) تقدم تخريجه ص (١٣٦).


الصفحة التالية
Icon