أي شيء لها هذا الزلزال؟ ولأنه يخرج وكأنه كما قال الله تعالى: ﴿سكارى﴾ [الحج: ٢]. فيقول: ما الذي حدث لها وما شأنها؟ لشدة الهول. ﴿يومئذ﴾ أي في ذلك اليوم إذا زلزلت ﴿تحدث أخبارها﴾ أي تخبر عما فعل الناس عليها من خير أو شر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن المؤذن إذا أذن فإنه لا يسمع صوته شجر، ولا مدر، ولا حجر، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (١)، فتشهد الأرض بما صنع عليها من خير أو شر، وهذه الشهادة من أجل بيان عدل الله عز وجل، وأنه سبحانه وتعالى لا يؤاخذ الناس إلا بما عملوه، وإلا فإن الله تعالى بكل شيء محيط، ويكفي أن يقول لعباده جل وعلا عملتم كذا وعملتم كذا..
لكن من باب إقامة العدل وعدم إنكار المجرم؛ لأن المجرمين ينكرون أن يكونوا مشركين، قال الله تعالى: ﴿ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين﴾ [الأنعام: ٢٣]. لأنهم إذا رأوا أهل التوحيد قد خلصوا من العذاب ونجوا منه أنكروا الشرك لعلهم ينجون، ولكنهم يختم على أفواههم، وتكلم الأيدي، وتشهد الأرجل والجلود والألسن كلها تشهد على الإنسان بما عمل، وحينئذ لا يستيطع أن يبقى على إنكاره بل يقر ويعترف، إلا أنه لا ينفع الندم في ذلك الوقت. وقوله: ﴿يومئذ تحدث أخبارها﴾ هو جواب الشرط في قوله تعالى: ﴿إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها﴾. قوله: ﴿بأن ربك أوحى لها﴾ أي بسبب أن الله أوحى لها، يعني أذن لها في أن تحدث أخبارها، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير إذا أمر شيئاً بأمر فإنه لابد أن يقع، يخاطب الله الجماد فيتكلم الجماد كما قال الله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب الآذان، باب رفع الصوت بالنداء (٦٠٩).


الصفحة التالية
Icon