معناه أنه نسي شيئًا على وجه لا يلام عليه. أما الساهي عن صلاته فهو متعمد للتهاون في صلاته، ومن السهو عن الصلاة أولئك القوم الذين يدعون للصلاة مع الجماعة، فإنهم لا شك عن صلاتهم ساهون فيدخلون في هذا الوعيد. ﴿فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يرآءون﴾ أيضاً إذا فعلوا الطاعة فإنما يقصدون بها التزلف إلى الناس، وأن يكون لهم قيمة في المجتمع، ليس قصدهم التقرب إلى الله عز وجل، فهذا المرائي يتصدق من أجل أن يقول الناس ما أكرمه، هذا المصلي يحسن صلاته من أجل أن يقول الناس ما أحسن صلاته وما أشبه ذلك.
هؤلاء يراءون، فأصل العبادة لله، لكن يريدون مع ذلك أن يحمدهم الناس عليها، ويتقربون إلى الناس بتقربهم إلى الله، هؤلاء هم المراءون. أما من يصلي لأجل الناس بمعنى أنه يصلي بين يدي الملك مثلاً أو غيره يخضع له ركوعاً، أو سجوداً فهذا مشرك كافر قد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. لكن هذا يصلي لله مع مراعاة أن يحمده الناس على عبادته، على أنه عابد لله عز وجل. وهذا يقع كثيراً في المنافقين. كما قال الله تعالى: ﴿وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً﴾ [النساء: ١٤٢]. انظر إلى هذا الوصف إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، إذاً هم عن صلاتهم ساهون. يراءون الناس. وهنا يقول الله عز وجل: ﴿الذين هم يراؤن﴾ فهل الذين يسمّعون مثلهم؟ يعني إنسان يقرأ قرآنًا ويجهر بالقراءة ويحسن القراءة، ويحسن الأداء والصوت من أجل أن يقال ما أقرأه. هل يكون مثل الذي يرائي؟ الجواب: نعم كما جاء في الحديث، «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به» (١)، المعنى من سمّع فضحه الله
_________
(١) أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة (٦٤٩٩) ومسلم كتاب الزهد تحريم الرياء (٢٩٨٦) (٤٧).


الصفحة التالية
Icon