عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد} كُررت الجمل على مرتين مرتين ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ أي: لا أعبد الذين تعبدونهم، وهم الأصنام ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ وهو الله، و «ما» هنا في قوله: ﴿ما أعبد﴾ بمعنى «من» لأن اسم الموصول إذا عاد إلى الله فإنه يأتي بلفظ «من» ﴿لا أعبد ما تعبدون.
ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾
يعني: أنا لا أعبد أصنامكم وأنتم لا تعبدون الله. ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ قد يظن الظان أن هذه مكررة للتوكيد، وليس كذلك لأن الصيغة مختلفة ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ فعل. ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾ «عابد» و «عابدون» اسم، والتوكيد لابد أن تكون الجملة الثانية كالأولى. إذاً القول بأنه كرر للتوكيد ضعيف، إذاً لماذا هذا التكرار؟
قال بعض العلماء: ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ أي: الآن ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾ في المستقبل، فصار ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ أي: في الحال، ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾ يعني في المستقبل؛ لأن الفعل المضارع يدل على الحال، واسم الفاعل يدل على الاستقبال. بدليل أنه عمل، واسم الفاعل لا يعمل إلا إذا كان للاستقبال، ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾ الان ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ يعني الان. ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾ يعني في المستقبل ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ يعني في المستقبل.
لكن أورد على هذا القول إيراد كيف قال: ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ مع أنهم قد يؤمنون فيعبدون الله؟! وعلى هذا فيكون في هذا القول نوع من الضعف.
وأجابوا عن ذلك بأن قوله: ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ يخاطب المشركين الذين عَلِم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا. فيكون الخطاب ليس


الصفحة التالية
Icon