هؤلاء لهم ﴿مفازاً﴾، والمفاز هو مكان الفوز وزمان الفوز أيضاً، فهم فائزون في أمكنتهم، وفائزون في أيامهم. ﴿حدائق وأعنابا﴾ هذا نوع المفاز، ﴿حدائق﴾ جمع حديقة أي بساتين أشجارها عظيمة وكثيرة ومنوعة. ﴿وأعناباً﴾ الأعناب جمع عنب وهي من جملة الحدائق لكنه خصها بالذكرلشرفها. ﴿وكواعب أترابا﴾ الكواعب جمع كاعب وهي التي تبين ثديها ولم يتدل، بل برز وظهر كالكعب، وهذا أكمل ما يكون في جمال الصدر. ﴿وأتراباً﴾ أي على سن واحدة لا تختلف إحداهن عن الأخرى كبراً كما في نساء الدنيا، لأنها لو اختلفت إحداهن عن الأخرى كبراً فربما تختل الموازنة بينهما، وربما تكون إحداهما محزونة إذا لم تساوي الأخرى، لكنهن أتراب. ﴿وكأساً دهاقاً﴾ أي كأساً ممتلئة، والمراد بالكأس هنا كأس الخمر. وربما يكون للخمر وغيره، لأن الجنة فيها ﴿أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾ [محمد: ١٥]. ولكن يرجح أنها الخمر وحدها. قوله: ﴿لا يسمعون فيها لغواً﴾ لا يسمعون في الجنة لغواً أي كلاماً باطلاً لا خير فيه.
﴿ولا كذاباً﴾ أي ولا كذباً فلا يكذبون، ولا يكذب بعضهم بعضاً، لأنهم على سرر متقابلين قد نزع الله ما في صدورهم من غل وجعلهم أخواناً. ﴿جزاء من ربك عطاء﴾ أي أنهم يجزون بهذا جزاء من الله سبحانه وتعالى على أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا واتقوا بها محارم الله. ﴿حساباً﴾ أي كافياً، مأخوذة من الحسب وهو الكفاية أي أن هذا الكأس كأس كافٍ لا يحتاجون معه إلى غيره لكمال لذته وتمام منفعته.


الصفحة التالية
Icon