يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولهذا كان علينا أن نحزم في أعمالنا، وأن نستغل الفرصة قبل فوات الأوان. ﴿يوم ينظر المرء ما قدمت يداه﴾ المرء: أي كل امرىء ينظر ما قدمت يداه ويكون بين يديه ويعطى كتابه، ويقال: ﴿اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً﴾ [الإسراء: ١٤].
ويقول الكافر من شدة ما يرى من الهول وما يشاهده من العذاب: ﴿يا ليتني كنت تراباً﴾ أي ليتني لم أخلق، أو ليتني لم أبعث، أو إذا رأى البهائم التي يقضي الله بينها ثم يقول كوني تراباً فتكون تراباً يتمنى أن يكون مثل البهائم فقوله: ﴿كنت تراباً﴾ تحتمل ثلاثة معانٍ:
المعنى الأول: يا ليتني كنت تراباً فلم أُخلق، لأن الإنسان خُلق من تراب.
المعنى الثاني: ياليتني كنت ترابًا فلم أُبعث، يعني كنت ترابًا في أجواف القبور.
المعنى الثالث: أنه إذا رأى البهائم التي قضى الله بينها وقال لها كوني تراباً فكانت تراباً قال: ليتني كنت تراباً أي كما كانت هذه البهائم ـ والله أعلم ـ وإلى هنا تنتهي سورة النبأ، وفيها من المواعظ والحكم وآيات الله عز وجل ما يكون موجباً للإيقان والإيمان، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بكتابه، وأن يجعله موعظة لقلوبنا، وشفاء لما في صدورنا، إنه جواد كريم.