العلم: يفر منهم لئلا يطالبوه بما فرط به في حقهم من أدب وغيره، لأن كل واحد في ذلك اليوم لا يحب أبداً أن يكون له أحد يطالبه بشيء ﴿لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه﴾ كل إنسان مشتغل بنفسه لا ينظر إلى غيره، ولهذا لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إنكم تحشرون يوم القيامة حفاة، عراة، غرلاً» قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض» ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «الأمر أعظم من أن ينظر بعضهم إلى بعض» (١)، ثم قسّم الله الناس في ذلك اليوم إلى قسمين فقال: ﴿وجوه يومئذ﴾ يعني يوم القيامة (مسفرة) من الإسفار وهو الوضوح لأنها وجوه المؤمنين تُسفر عما في قلوبهم من السرور والانشراح ﴿ضاحكة﴾ يعني متبسمة، وهذا من كمال سرورهم ﴿مستبشرة﴾ أي قد بشرت بالخير لأن الملائكة تتلقاهم بالبشرى يقولون ﴿سلام عليكم﴾ ﴿ووجوه يومئذ﴾ يعني يوم القيامة ﴿عليها غبرة﴾ أي شيء كالغبار؛ لأنها ذميمة قبيحة ﴿ترهقها قترة﴾ أي ظلمة ﴿أولئك هم الكفرة الفجرة﴾ الذين جمعوا بين الكفر والفجور، نسأل الله العافية، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة إنه جواد كريم.
_________
(١) أخرجه البخاري كتاب الرقاق، باب الحشر، (٦٥٢٧) ومسلم كتاب صفة الجنة باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (٢٨٥٩) (٥٦).


الصفحة التالية
Icon