فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ﴿أزلفت﴾ يعني قُرِّبت وزُيِّنت للمؤمنين، وانظر الفرق بين هذا وذاك. دار الكفار تسعّر، توقد، ودار المؤمنين تزيّن وتقرّب ﴿وإذا الجنة أزلفت﴾ كل هذا يكون يوم القيامة، إذا قرأنا هذه الايات: ﴿إذا الشمس كورت. وإذا النجوم انكدرت. وإذا الجبال سيرت. وإذا العشار عطلت. وإذا الوحوش حشرت. وإذا البحار سجرت. وإذا النفوس زوجت. وإذا الموؤدة سئلت. بأي ذنب قتلت. وإذا الصحف نشرت. وإذا الشماء كشطت. وإذا الجحيم سعرت. وإذا الجنة أزلفت﴾ هذه اثنتا عشرة جملة إلى الان لم يأت بالجواب.
لأن كلها في ضمن الشرط ﴿إذا الشمس كورت﴾ فالجواب لم يأت بعد ماذا يكون إذا كانت هذه الأشياء؟ قال الله تعالى: ﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ أي ما قدمته من خير وشر ﴿يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء﴾ [آل عمران: ٣٠]. يعني يكون محضراً أيضاً ﴿تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه﴾ [آل عمران: ٣٠]. فتعلم في ذلك اليوم كل نفس ما أحضرت من خير أو شر، في الدنيا نعلم ما نعمل من خير وشر لكن سرعان ما ننسى. نسينا الشيء الكثير لا من الطاعات ولا من المعاصي، ولكن هذا لن يذهب سدى كما نسيناه؟ بل والله هو باق، فإذا كان يوم القيامة أحضرته أنت بإقرارك على نفسك بأنك عملته، ولهذا قال تعالى: ﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ فينبغي بل يجب على الإنسان أن يتأمل في هذه الايات العظيمة وأن يتعظ بما فيها من المواعظ، وأن يؤمن بها كأنه يراها رأي عين؛ لأن ما أخبر الله به وعلمنا مدلوله فإنه أشد يقيناً عندنا مما شاهدناه بأعيننا أو سمعناه بأذاننا؛ لأن خبر الله لا يكذب، صدق، لكن ما نراه أو نسمعه كثيراً ما يقع فيه الوهم. قد ترى


الصفحة التالية
Icon