لكنه بالنسبة للمؤمنين ـ جعلنا الله منهم ـ يسير كأنما يؤدي به صلاة فريضة من سهولته عليه ويسره عليه، لاسيما إذا كان ممن استحق هذه الوقاية العظيمة، وكان من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهذا اليوم عظيم لكنه بالنسبة للناس يكون يسيراً ويكون عسيراً ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ قال الله تعالى:) وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً) (الفرقان: من الآية٢٦) يعني هذا اليوم العظيم هو ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ يقومون من قبورهم حفاة ليس لهم نعال ولا خفاف، عراة ليس عليهم ثياب لا قُمص ولا سراويل ولا أزر ولا أردية، غرلاً أي غير مختونين بمعنى أن القلفة التي تقطع في الختان تعود يوم القيامة مع صاحبها كما قال الله تعالى: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾ [الأنبياء: ١٠٤].
ويعيده الله عز وجل لبيان كمال قدرته تعالى، وأنه يعيد الخلق كما بدأهم، والقلفة إنما قطعت في الدنيا من أجل النزاهة عن الأقذار؛ لأنها إن بقيت فإنه ينحبس فيها شيء من البول وتكون عرضة للتلويث، لكن هذا في الآخرة لا حاجة إليه؛ لأن الآخرة ليست دار تكليف بل هي دار جزاء إلا أن الله سبحانه وتعالى قد يكلف فيها امتحاناً كما قال تعالى: ﴿يوم يكشف عن ساق ويُدعون إلى السجود فلا يستطيعون. خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون﴾ [القلم: ٤٢-٤٣]. فالناس يقومون على هذا الوصف حفاة، عراة، غرلا ً (١)، وفي بعض الأحاديث بُهماً (٢) قال العلماء: البهم يعني الذين لا مال معهم، ففي يوم القيامة لا مال يفدي به الإنسان نفسه من العذاب في يوم القيامة، ليس هناك ابن يجزي عن أبيه شيئاً، ولا أب يجزي عن ابنه شيئاً، ولا صاحبة ولا قبيلة كلٌّ يقول
_________
(١) تقدم تخريجه ص (٦٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/٤٩٥) والحاكم (٢/٤٣٧) وقال صحيح الإسناد.