وقوله: أن لهم موضع أن نصب، معناه: بشرهم بأن لهم، فلما سقطت الباء وصل الفعل إلى أن فنصب.
وقوله: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] : جنات: جمع جنة وهي الحديقة ذات الشجر، سميت جنة لكثرة شجرها ونباتها، يقال: جنت الرياض جنونا، إذا أعتم نبتها حتى ستر الأرض.
ويقال لكل ما ستر: قد جن وأجن.
وقوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٢٥] أي: من تحت أشجارها ومساكنها.
والنهر لا يجري وإنما يجري الماء فِيهِ، ويستعمل الجري فِيهِ توسعا لأنه موضع الجري.
وقوله: كلما: كل: حرف جملة ضم إلى ما فصار أداة للتكرار، وهي منصوبة على الظرف.
رزقوا: أطعموا، من ثمرة: من صلة، أي: ثمرة، ويجوز أن تكون للتبعيض لأنهم إنما يرزقون بعض ثمار الجنة، ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥] لتشابه ما يؤتون به، ولم يريدوا بقولهم: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥] نفس ما يأكلون، ولكن أرادوا: هذا من نوع ما رزقنا من قبل، كما يقول الرجل لغيره: فلان قد أعد لك الطبيخ والشواء.
فيقول: هذا طعامي فِي منزلي كل يوم.
يريد هذا الجنس.
قال الزجاج: وضم قبل لأنها غاية، كان يدخلها بحق الإعراب الفتح والكسر، فلما عدلت عن بابها بنيت على ما لم يكن يدخلها بحق الإعراب، وعدلها: أن أصلها الإضافة، فجعلت مفردة تنبئ عن الإضافة.
هذا كلامه، ومعناه: أن قبل لا يستعمل إلا مضافا، وله إعرابان عند الإضافة: الفتح والكسر، نحو قبلك، من قبلك، فلما استعمل منفردا من غير إضافة والمعنى إرادة الإضافة بني على ما لم يكن يدخلها بحق الإعراب وهو الضم، ومن هذا قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم: ٤] تأويله: من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء.
ومعنى ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥] : أي: من قبل هذا الزمان ومن قبل هذا الوقت.
وقوله: وأتوا به: أي: أُتِيَ المؤمنون بذلك الرزق، متشابها: يشبه بعضه بعضا فِي اللون والصورة، مختلفا