رَبِّكَ} [الحجر: ٩٨] أي: احمده، ويكون حمد الحامد له تسبيحا له، لأن معنى الحمد: الثناء عليه والشكر له، وهذا تنزيه له واعتراف أنه أهل لأن ينزه ويعظم ويثنى عليه، قوله تعالى: ونقدس لك أي: نطهرك وننزهك عما لا يليق بك من النقص، واللام فِيهِ صلة، والتقديس: التطهير، والقدس: الطهارة، والبيت المقدس: المطهر.
وقوله: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] : قال ابن عباس: يعني إضمار إبليس العزم على المعصية وما اطلع عليه من كبره.
وقال قتادة: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] : أنه يكون فِي أولاد آدم من هو من أهل الطاعة.
وقيل: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] من تفضيل آدم عليكم وما أتعبدكم به من السجود له، وأفضله به عليكم من تعليم الأسماء، وذلك أنهم قالوا، فيما بينهم: ليخلق ربنا ما يشاء فلن يخلق أفضل ولا أكرم عليه منا، وإن كان خيرا منا فنحن أعلم منه، لأنا خلقنا قبله، ورأينا ما لم يره.
فلما أعجبوا بعلمهم فضل الله آدم عليهم بالعلم، فعلمه الأسماء كلها، وذلك قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾ } [البقرة: ٣١-٣٣] ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١] : ووجه تعليمه آدم أن خلق فِي قلبه علما بالأسماء على سبيل الابتداء، وألهمه العلم بها.
قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: علمه اسم كل شيء، حتى القصعة والمغرفة.
وقال أهل التأويل: إن الله تعالى علم آدم جميع اللغات، ثم إن أولاده تكلم كل واحد منهم بلغة أخرى، فلما تفرقوا فِي البلاد اختص كل فرقة منهم بلغة، فاللغات كلها إنها سمعت من آدم وأخذت عنه.