وما بعد هذا قد تقدم تفسيره إلى قوله: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥] وقرئ بضم الراء، وهي لغة قيس وتميم، قال الفراء: يقال: رضيت رضا ورضوانا ورضوانا ومرضاة.
﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ١٥] عالم بهم، وإذا كان عالما بهم جازاهم بما يستحقون.
ثم وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا﴾ [آل عمران: ١٦] الآية.
ثم زاد في وصفهم فقال: الصابرين قال ابن عباس: على دينهم وعلى ما أصابهم.
والصادقين قال قتادة: هم قوم صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وألسنتهم، فصدقوا في السر والعلانية.
والقانتين الطائعين لله، والمنفقين قال ابن عباس: الذين ينفقون الحلال في طاعة الله.
والمستغفرين بالأسحار قال مجاهد وقتادة: يعني: المصلين بالأسحار، جمع سحر، وهو الوقت قبيل طلوع الفجر.
قال الزجاج: وصف الله هؤلاء بما وصف، ثم بين أنهم مع ذلك لشدة خوفهم يستغفرون بالأسحار.
﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {١٨﴾ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿١٩﴾ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿٢٠﴾ } [آل عمران: ١٨-٢٠] قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ﴾ [آل عمران: ١٨] قال الزجاج: معنى شهد الله: بين وأظهر، لأن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه، والله عز وجل قد دل على توحيده بجميع ما خلق، فبين أنه لا يقدر أحد أن ينشئ شيئا واحدا مما أنشأ.


الصفحة التالية
Icon